حملة "أريد أن ألتقي بعبد الله أوجلان"... خطوة نحو تحقيق السلام والديمقراطية

في ظل التطورات السياسية المتسارعة، برزت حملة "أريد أن ألتقي بعبد الله أوجلان" كتحرك دولي يطالب بالسماح له بالتواصل مع محاميه وممثلي المجتمع المدني، وسرعان ما لاقت اهتماماً دولياً كبيراً، حيث تتزايد الطلبات للقاء القائد أوجلان يوماً بعد يوم.

مالفا محمد

مركز الأخبار ـ أكدت الناطقة باسم مبادرة "نون لحرية أوجلان" سوسن شومان، على أن دعوة السلام والديمقراطية لا تقتصر على قضية سياسية بحتة، بل هي مشروع إنساني يهدف إلى تحقيق العدالة، والنساء باعتبارهن الركيزة الأساسية لأي مجتمع متقدم، يحملن رسالة التحرر والمقاومة، ويدفعن بالحراك الشعبي نحو تحقيق مستقبل أكثر إنصافاً. 

في ظل التطورات المتسارعة، وفي أعقاب اللقاءات التي أجريت مع القائد عبد الله أوجلان مؤخراً، تم إطلاق حملة "أريد أن ألتقي بعبد الله أوجلان" من قبل منصة السلام والحرية الأوروبية (EFFP), التي لاقت اهتماماً دولياً متزايداً، حيث يرى مؤيدوها أن السماح للقائد أوجلان بالمشاركة في النقاش العام قد يسهم في فتح أفق تفاوضي جديد لحل القضية الكردية في تركيا، بعيداً عن النزاعات المسلحة.

كما أن فكره حول "الأمة الديمقراطية" يقدم نموذجاً للتعايش السلمي بين الشعوب والمكونات المختلفة، مما يجعل هذه الحملة خطوة نحو تحقيق السلام والديمقراطية في المنطقة. 

ولتسليط الضوء على ما شهدته الساحة الدولية مؤخراً، خاصة تلك المتعلقة بالقضية الكردية، كان لوكالتنا مع الناطقة باسم مبادرة نون لحرية أوجلان سوسن شومان، الحوار التالي:

 

ما مدى أهمية دعوة القائد عبد الله أوجلان للسلام والديمقراطية في السياق السياسي الحالي؟

في ظل الأحداث المتسارعة التي تشهدها المنطقة والأوضاع المتوترة وفترة الضغوطات والأطماع التي نمر بها، برزت قضية القائد عبد الله أوجلان من جديد، خاصة بعد اللقاء الذي جمعه مع وفد في سجن إمرالي، والحملات التي أُطلقت للمطالبة بحريته، تأتي هذه التطورات في وقت بالغ الحساسية، حيث تحتاج الشعوب إلى حلول واقعية تحميها من الدمار والخراب وتجنبها نزيف الدم المستمر.

القائد أوجلان، مفكر وفيلسوف يحمل عقيدة الحب والإنسانية، يطرح رؤيةً تستند إلى السلام والديمقراطية كسبيل لإنقاذ المنطقة، من الطبيعي أن يخرج بمبادرة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، خصوصاً بعد سنوات طويلة من العزلة والتعسف الذي تعرض له في السجون التركية، هذه المبادرة هي نداء للسلام ومدّ اليد للحوار بين مختلف المكونات، لضمان حقوق الأفراد والاعتراف بهوياتهم، وتحقيق مجتمع ديمقراطي يسوده السلام والعدالة.

لقد كان توقيت اللقاء مهم في وقت تعيش فيه المنطقة أزمات متتالية، مما يجعل من الضروري الإصغاء إلى الأصوات العقلانية التي تدعو لاحترام كرامة الإنسان وحياته، يمكن اعتبار هذه المبادرة بمثابة الحل للأزمات التي تمر بها المنطقة، كونها تنبثق من قائد خاض تجربة قاسية من الظلم والعزلة وسعى إلى تجاوز الأيديولوجيات القومية المتشددة التي تقود الدول إلى الانهيار.

في المقابل، الدول التي تبني أسسها على الديمقراطية واحترام الآخر، قادرة على استيعاب مختلف المكونات وضمان حقوقهم في إطار سلام عادل، هي التي ستحقق النجاح والاستقرار على المدى الطويل، إن هذا النهج هو المفتاح لنهوض الشعوب وضمان مستقبل أفضل لها.

 

من المهم أن نضع في الاعتبار الدور الحاسم الذي لعبه القائد أوجلان في تقديم أطروحات تسعى إلى تحقيق سلام حقيقي ودائم في المنطقة... ولكن الأهم كيف بإمكان المؤمنين بفكره أن يسيرو وفقاً لهذه الأطروحات والدعوات والعمل بها على أرض الواقع لتحقيق مبتغاها؟

رغم العزل المفروض عليه داخل زنزانته في تركيا، ترك القائد عبد الله أوجلان إرثاً فكرياً غنياً يستحق التأمل، ورغم العزلة المشددة التي حالت دون أي تواصل معه، فإن إرثه في "مانيفستو الحضارة الديمقراطية" يحمل مسؤولية التحرر لكل المؤمنين بهذا الفكر، بغض النظر عن انتمائهم العرقي أو الجغرافي، سواء كانوا كرداً، عرباً، أفارقة أو أوروبيين.

إن هذا الفكر لا يقتصر على مجموعة معينة، بل هو رؤية لكل من يؤمن بالحرية والديمقراطية، ولذلك، يجب على المؤمنين به أن يمارسوا الضغط بجميع الوسائل الممكنة، خصوصاً النساء، من خلال تشكيل المبادرات وإنشاء مجتمعات مدنية فاعلة والتواصل مع المنظمات العالمية، بالإضافة إلى إطلاق حملات إعلامية واسعة واستخدام وسائل التواصل لتشكيل رأي عام ضاغط.

لكن الفكر لا يجب أن يبقى مجرد نظرية، بل يجب تجسيده في الواقع من خلال إجراءات عملية ملموسة، كتنظيم المؤتمرات، إطلاق الحملات، وتنظيم المظاهرات التي تساهم في تعزيز وجود هذه القضية وإعطائها وقعاً وتأثيراً أكبر، ومن أبرز الأمثلة على ذلك مؤتمر "ندى" الذي أُقيم الشهر الفائت في مدينة السليمانية، حيث شكل لقاءً نسوياً جمع ممثلات من مختلف المنظمات النسائية في الشرق الأوسط، شمال إفريقيا، وأوروبا، مما أسهم في تعزيز التشبيك والتعريف بهذا الفكر.

هذه الخطوات العملية ليست مجرد تحركات رمزية، بل تمثل خطوة جريئة ومتقدمة في طريق إبراز الفكر الديمقراطي، خصوصاً فيما يتعلق بدور المرأة في هذا النضال، فحرية المرأة، كما ركز عليها القائد أوجلان، ليست مجرد قضية هامشية، بل هي عنصر جوهري في تحقيق مجتمعات عادلة وأنظمة تحترم الفرد وكرامته.

 

إن مشاركة المرأة في الحملات التي تهدف إلى الإفراج عنه تُعد جزءاً مهماً في تعزيز أطروحاته وجعلها أكثر تأثيراً على المستوى الدولي... برأيك ما الدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة في الحملات الدولية للإفراج عن القائد أوجلان، وكيف يمكن تعزيز مشاركتها في عملية إحلال السلام في الشرق الأوسط  وإفريقيا؟

يعد دور المرأة في نشر الأفكار التحررية وتطبيقها على أرض الواقع عاملاً أساسياً في أي حركة تسعى لتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية، فقد ركز القائد عبد الله أوجلان، منذ بداياته، على أهمية تحرير الإنسان باعتباره المفتاح الحقيقي لتحرير الوطن، ومن بين أبرز مقولاته أن "المرأة هي أول مستعمَرة في التاريخ"، مما يبرز إدراكه العميق لجذور الاضطهاد الذي تعرضت له النساء عبر الأزمنة.

انطلاقاً من هذا الفهم، اعتبر القائد أوجلان أن المرأة تمثل الأساس لكل حركة تحررية، مؤكداً أن وضع المرأة في أي مجتمع يعكس مدى تطوره وتقدمه، كما أشار الفيلسوف كارل ماركس سابقاً، بناءً على هذه الرؤية، خصص مساحة كبيرة لدراسة قضايا حرية المرأة، وقدم أطروحات فلسفية تعزز دورها في المجتمع، مشدداً على أهمية دعمها على مختلف المستويات، سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو حتى عسكرية.

إن التجارب التي خاضتها النساء المؤمنات بفكر أوجلان، خاصة في المناطق التي تتبنى فلسفته، أثبتن أنهن قادرات ليس فقط على مواجهة التحديات، بل على قيادة حركات تغيير مجتمعي واسعة النطاق، فقد لعبن أدواراً محورية في مكافحة القوى الإرهابية وفي بناء مجتمعات تستند إلى قيم الديمقراطية والعدالة، مما يعكس مدى القوة والعزيمة التي يمتلكنها.

لذلك، فإن تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في المرحلة القادمة لن يسهم فقط في تحقيق هدف الإفراج عن القائد أوجلان، بل سيمهد الطريق لمجتمع أكثر عدالة وإنصافاً، قائم على الحرية والمساواة.

اليوم، وفي ظل استمرار الحملات الرامية إلى الإفراج عنه، يمكن للمرأة أن تلعب دوراً رئيسياً في تعزيز هذه الجهود من خلال إطلاق حملات ضغط سياسية وإعلامية تستهدف المؤسسات الدولية والرأي العام العالمي، وتنظيم المبادرات المجتمعية التي تهدف إلى تعزيز مشاركة المرأة في النضال التحرري، والتواصل مع المنظمات الدولية التي تدعم حقوق الإنسان وقضايا المرأة، تنظيم المظاهرات والمؤتمرات لتسليط الضوء على ارتباط حرية المرأة بتحقيق العدالة والاستقرار.

 

أطلقت العديد من الحملات التي تهدف إلى الإفراج عن القائد أوجلان واللقاء به وآخرها حملة "أريد أن ألتقي بعبد الله أوجلان"... برأيك ما التأثير المتوقع للحملة على المشهد السياسي الإقليمي والدولي؟ وكيف بإمكان المرأة أن تدفع بالحملة للأمام لتحقيق مآربها؟

تلعب المرأة دوراً محورياً في نشر الفكر التحرري وتطبيقه على أرض الواقع، حيث أثبتت قدرتها على المساهمة الفاعلة في حملات المطالبة بالإفراج عن القائد عبد الله أوجلان، هذه الحملة ليست مجرد كلمات، بل تحمل دلالة رمزية عميقة، تعيد إحياء وجود هذا الفكر وتؤكد أن الزنازين والأسوار لا يمكنها إخماد صوت الحرية.

عندما تتردد عبارة "أريد أن ألتقي بعبد الله أوجلان" عبر وسائل الإعلام والحملات، فإنها تعكس إرادة جماعية للحفاظ على الفكر الديمقراطي حياً بيننا، هذه الحملة ليست فقط وسيلة ضغط، بل هي أيضاً وسيلة لإظهار حجم التأييد العالمي لهذا الفكر، وللتأكيد على أن أوجلان ليس مجرد قائد كردي، بل قائد أممي يؤمن به العديد من الأشخاص حول العالم، من نساء ورجال، من مختلف الثقافات والانتماءات.

دور المرأة في هذه الحملة حيوي وأساسي، فمن خلالها يمكن الدفع بهذه الحركة إلى الأمام من خلال تنظيم المبادرات والمظاهرات التي تعكس التزام المرأة بالنضال من أجل الحرية، استثمار وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لنشر الوعي وتشكيل رأي عام ضاغط، وإظهار الوحدة والتكاتف بين النساء في مختلف الدول لتعزيز صوت القضية عالمياً.

هذه الحملة تسعى إلى تحقيق هدفها عبر استراتيجيات مؤثرة، وقد أظهرت النساء في مناطق عدة، خاصة في كردستان، عزماً لا يلين في الدفاع عن الفكر التحرري الذي يعزز حقوقهن ومكانتهن في المجتمع، المرأة ليست فقط جزءاً من هذه الحركة، بل هي ركيزة أساسية فيها، وما حققته النساء الكرديات في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية وحتى العسكرية يثبت أن التحرر الحقيقي يبدأ من المرأة نفسها.

في النهاية، تبقى هذه الحملة خطوة في طريق طويل نحو حرية الفكر والتحرر الاجتماعي، وهي ليست مجرد دعوة للإفراج عن القائد أوجلان، بل دعوة لترسيخ قيم الديمقراطية والعدالة في كل مكان.

أود أن أوجه رسالة آمل أن تصل إلى قلوب النساء جميعا، أرى في النساء الكرديات عنفواناً استثنائياً، فهن مثالٌ للقوة والإصرار، المرأة لم تُخلق فقط لإرضاء الرجل، بل هي فكرٌ وعزيمةٌ وصاحبة فكر ونضال، تماماً كما قال القائد أوجلان.

إن كل امرأة عربية عانت من التهميش ورأت الظلم الذي تعانيه النساء في مجتمعاتنا، عليها أن تنظر إلى النساء الكرديات كنموذج يُحتذى به، فقد حقّقن إنجازات على جميع الأصعدة اجتماعية، سياسية، وعلى جبهات القتال، في مسيرة نضال مستمرة منذ أكثر من أربعة وعشرين عاماً، رغم اختطاف قائدٍ عظيم، ومع ذلك، لم تتراجعن ولم يمللن، وما زلن يطلقن الحملات ويواصلن السعي بكل قوتهن لإطلاق سراح هذا القائد.

هؤلاء النساء هن خير مثال للمناضلات، فقد خلقن ليكنّ دائماً في الصفوف الأولى للنضال، لذا، أدعو كل النساء إلى عدم التنازل عن حقوقهن، فما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة، والحقوق لا تُمنَح، بل تنتزع بالإصرار والعزيمة.